التنبیه التاسع المُراد من الشکّ فی الأدلّة
المُراد بالشکّ المُقابل للیقین فی أدلّة الاستصحاب، لیس الاحتمال المساوی بالنسبة إلی البقاء واللاّبقاء، بل هو خلاف الیقین.
أما أوّلاً: فلأ نَّه موافق للعرف العامّ واللّغة، وأمّا کونه الاحتمال المُساوی مقابل
الظنّ وغیره فهو اصطلاح خاصّ بین المنطقیّین، وتبعهم غیرهم من أرباب الاصطلاح.
وأمّا ثانیاً: فلأنَّ ذلک مُقتضیٰ مقابلته بالیقین فی الأخبار ومُناسبة الحکم والموضوع، وقد عرفت سابقاً أنَّ المُراد بالیقین فیها ـ ببعض المُناسبات المغروسة فی أذهان العرف ـ هو الحُجّة، فمقابله اللاّحجّة، فکأ نَّه قال: «لا ینبغی رفع الید عن الحُجّة بغیر الحُجّة»، ولقد ذکرنا فی باب جواز استصحاب مُؤدّی الأمارات بعض المُؤیّدات والشواهد لذلک فراجع.
هذا بناءً علیٰ ما ذکرنا من أنَّ المأخوذ فی موضوع الاستصحاب هو الیقین والشکّ.
وأمّا بناءً علیٰ ما أفاده الشیخ الأعظم قدّس سُّره: من أنَّ الموضوع هو الکون السابق والشکّ اللاّحق، وما أفاده المُحقّق الخراسانیّ رحمه الله : من أنَّ مفاد الأدلّة جعل المُلازمة بین الکون السابق والکون اللاّحق فلا مجال للاستدلال للمُدّعیٰ بما ذکرناه؛ لعدم المقابلة بین الشکّ والیقین تأمّل.
وکیف کان: فلا إشکال فی أصل المسألة، وتدلّ علیه صحیحتا زرارة کما أفاد الشیخ.
وأمّا الاستدلال بالإجماع التقدیریّ فلا یرجع إلیٰ محصّل؛ لأنَّ المناط فی حجّیة الإجماع هو الکشف عن دلیل مُعتبر، ولا معنیٰ للکشف التقدیریّ أو الدلیل المُعتبر التقدیریّ.
ولقد تعرّضنا لعاشر التنبیهات فی مبحث البراءة وهو استصحاب صحّة العبادة عند الشکّ فی طروّ مُفسد، وکذا حاله فیما إذا تعذّر بعض أجزاء المُرکّب، فلا داعی للتکرار.