[ الأمر الرابع][فی معنی السعادة والشقاوة]
ا لسعادة لدی ا لعرف وا لعقلاء عبارة عن جمع (جمیع ـ خ ل) موجبات ا للذّة وا لراحـة وحصول وسائل ا لشهوات وا لأمیال وتحقّق ملایمات ا لنفس بقواها دائماً أو غا لباً ، وا لشقاوة فی مقابلها . فمن حصل لـه موجبات لذّات ا لنفس وکان فی روح وراحـة بحسب جمیع قوی ا لنفس دائماً یکون سعیداً مطلقاً ، وبإزائـه ا لشقیّ ا لمطلق ، وإلاّ فسعید وشقیّ با لإضافـة .
ولمّا کان فی نظر ا لمؤمنین بعا لم ا لآخرة لذّات ا لدنیا بحذافیرها ومشتهیاتها بأجمعها با لقیاس إ لیٰ لذّات ا لآخرة وا لجنّـة ا لتی فیها ما تشتهیـه ا لأنفس وتلذّ ا لأعین دائماً أبداً ، تکون شیئاً حقیراً ضعیفاً (طفیفاً ـ خ ل) کیفیّـة وکمیّـة ، بل فی ا لحقیقـة لانسبـة بین ا لمتناهی وغیر ا لمتناهی ، تکون ا لسعادة لدیهم ما یوجب دخول ا لجنّـة ، وا لشقاوة ما یوجب دخول ا لنار «فَأَمَّا الَّذِینَ شَقُوا فَفِی النَّارِ لَهُمْ فِیهَا زَفِیرٌ وَشَهِیقٌ * خـٰالِدِینَ فِیهَا مَادَامَتِ السَّمـٰوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ مَا شـٰاءَ رَبُّکَ إِنَّ رَبَّکَ فَعَّالٌ لِمـٰا یُرِیدُ * وَأَمَّا الَّذِینَ سُعِدُوا فَفِی الْجَنَّةِ خـٰالِدِینَ فِیهَا
کتابالطلب و الارادهصفحه 73 مَادَامَتِ السَّمـٰواتُ وَالْأَرْضُ إِلاّ مَا شـٰاءَ رَبُّکَ عَطـٰاءً غَیْرَ مَجْذُوذٍ» فمن ختم لـه با لخیر وقدّر لـه ا لجنـة فهو سعید ولو کان فی ا لدنیا فی تعب ومرض وشدّة وفقر وفاقـة ، ومن ختم لـه ـ وا لعیاذ بالله با لشرّ وقدّر لـه ا لنار فهو شقیّ ولو کان فی ا لدنیا فی عیش ولذّة وروح وراحـة ؛ لعدم ا لنسبـة بین لذّات ا لدنیا وا لآخرة وعذابهما شدّة وعدّة ومدّة .
وقد تطلق ا لسعادة لدی طائفـة علی ا لخیر ا لمساوق للوجود ، فا لوجود خیر وسعادة . وتفاوت مراتب ا لسعادات حسب تفاوت کمال ا لوجود ، فا لخیر ا لمطلق سعادة مطلقـة وا لموجود ا لکامل سعید علی ا لإطلاق ، وفی مقابلـه ا لناقص حسب مراتب نقصـه .
ثمّ إنّ ا لسعادة وا لشقاوة با لمعنی ا لمتقدّم أمران یحصلان للإنسان حسب عملـه وکسبـه «فَأَمّـٰا مَنْ طَغیٰ * وَآثَرَ الْحَیـٰاةَ الدُّنْیـٰا * فَإِنَّ الْجَحِیمَ هِیَ الْمَأویٰ * وَأَمّـٰا مَنْ خـٰافَ مَقـٰامَ رَبِّهِ وَنَهَی النَّفْسَ عَنِ الْهَویٰ * فِإِنَّ الْجَنَّةَ هِیَ الْمَأْویٰ» .
کتابالطلب و الارادهصفحه 74