الجهة الرابعة : فی صوم غیر رمضان فیه عالماً عامداً
لاشبهـة عندهم فی أنّـه إذا صام عالـماً عامداً صوماً غیرصوم شهر رمضان، فإنّـه لایقع من رمضان، وهذا الـحکم کأنّـه مقطوع بـه عند الـمتأخّرین.
وقال الـعلاّمـة فی «الـتذکرة»: «لو نوی الـحاضر فی رمضان صوماً مطلقاً، وقع عن رمضان إجماعاً، ولو نویٰ غیره مع الـجهل فکذلک؛ لـلاکتفاء بنیّـة الـقربـة فی رمضان، وقد حصلت، فلاتضرّ الـضمیمـة، ومع الـعلم کذلک؛ لـهذا الـدلیل.
ویحتمل الـبطلان، لـعدم قصد رمضان والـمطلق، فلایقعان» انتهیٰ.
وهذا هو الـظاهر من «الـشرائع» فقال: «ولو نویٰ غیره واجباً کان أو
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 86 ندباً، أجزأ عن رمضان، دون ما نواه» انتهیٰ.
فاحتمال وقوع الـمنویّ عن رمضان، ولو کان صوم الـکفّارة والـنذر وقضاء الـشهر الـسابق، قویٌّ وإن کان عالـماً عامداً. ومخالـفـة الـحلّی والـشهیدین وجماعـة رحمهم الله لـلإجزاء فی صورة الـعلم، لاتضرّ بما هو مقتضی الـقواعد. وقد أفتیٰ بالإجزاء أبویوسف، ومحمّد.
ومن الـعجب ما عن «الـمدارک» من الـمناقشـة فی الـمسألـة : «بأنّ إلـغاء الـزائد علیٰ نیّـة الـتقرّب، إنّمـا هـو بالـنسبـة إلـیٰ وقـوع ما نواه، لا أنّـه لـغو بحیث یکون کما لـو نوی الـصوم الـمطلق الـمنصرف إلـیٰ شهر رمضان» انتهیٰ!
وأنت خبیر بخلطـه بین مرحلتی الـثبوت والإثبات؛ فإنّ الـبحث هنا حول دعویٰ: أنّ الـنیّـة الـمضارّة حسب الأدلّـة لاتضرّ ثبوتاً، والـصوم الـمطلق ـ لـمکان اشتمالـه علیٰ ما هو الـمأمور بـه ـ یقع عن رمضان، لا لانصرافـه فی مقام الإثبات إلـی صوم رمضان؛ فإنّـه بحث آخر لاینبغی الـخلط، فلو کانت نیّـة الـصوم الآخر مورثـة للبطلان، ففی الـمطلق أیضاً یلزم الـبطلان؛ لـعدم وجدانـه لـما هو شرط الـمأمور بـه؛ وهو کون الـصوم من
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 87 شهر رمضان، ولو کان الـمطلق صحیحاً ـ لا لـلإنصراف ـ فالـمقیّد أیضاً صحیح؛ لأنّـه الـمطلق مع الـقید الـزائد اللغو، ولیس من قیود الـمأمور بـه عدم تقیّده بـه، حتّیٰ یلزم بطلانـه لـلإخلال بالـشرط الـعدمیّ.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 88