المبحث الخامس ما الزائد الناقص
والجواب أ نّه الجسم التعلیمی ؛ لأ نّه من أعظم أنواع الکمّ القابل للزیادة والنقصان، وهو معلول الطبیعة الجسمیّة ؛ حیث یلزم الجسم الطبیعی من دون انفکاک عنه فی وقت حتّی عند الانفصال خلافاً للمشهور عند المُتفلسفة المتأخرین.
ولمّا کان لازماً عارضاً للجسم وجب أن یکون فیه فاعل له وأمر قابل له، ومن البیّن أنَّ الفاعل فی الجسم یسمّی صورة والقابل هیولی، فثبت فی الجسم الذی هو عرش الرحمن من وجه وجود أمرین: هما الهیولی، والصورة.
_______________________________________________________________________
قوله: عند المتفلسفة المتأخّرین:
لم أعرف صاحب هذا القول، والمحقَّق عند المحقِّقین من المتأخرین تبدیل المتعیّن الأوّل بالمتعیّن الآخر، فإن أراد من عدم الانفکاک ما یشمل هذا فهو خلاف التحقیق بل الضرورة ؛ فإنّ الفرق بین التعلیمی والطبیعی بالإبهام والتّعیین، فتبصّر.
کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 143
أمّا وجه عرشیّة الجسم فلکونه مظهر الجواهر العقلیّة، والعرش هو العقل فی الحقیقة، وأیضاً من المُقرّر أنَّ العرش علی الماء والهیولی أشبه شیء بأن یعبّر عنها بالماء حیث تکون قابلة لجمیع الصور والأشکال، ومن ذلک یظهر أیضاً کون الصورة مظهر اسم الرحمن، وقد قال: «الرَّحْمنُ عَلَی العَرْشِ اسْتَوی» ومنه یتصحّح أیضاً (أنّ الله سبحانه لمّا خلق العرش حمله علی کواهل أملاک أربعة، فلم یستقرّ قراراً وعجزوا عن حمله بداراً، حتّی استقرّ بقول: لا إله إلاّ الله ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ).
أمّا عدم قراره فمن حیث استلزامه للسیلان والتغییر الذاتی، وأمّا قراره بالکلمتین فلدلالتهما علی ثبات الله وقیومیّته لکلّ شیء وأ نّه المُمسک السماوات والأرض.
وبالجملة: هذا الجسم المُتکمّم مطلع التقدیر الإلهی علی العالم الکونی، وعبّر عنه فی الأخبار بالبحر العمیق والطریق المظلم.
أمّا البحر العمیق فلکونه فی المادّة الّتی هی البحر الأعظم، والتیّار المُحیط بالعالم، والبحر المکنون من أعین أهل الحسّ الذی ورد أ نّه فوق السماوات.
وأمّا الطریق المظلم فلکونه فی عالم الغواشی والغواسق الجرمانیّة، ومطمورة الطبائع الجسمانیّة.
وأمّا سرّ کونه قابلاً للزیادة والنقصان فقد قال معلّم الحکمة فی
کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 144
اثولوجیا: إنَّ الأشیاء الّتی تقبل الزیادة والنقصان هی فی عالم الکون، وإنّما صارت تقبل الزیادة والنقصان ؛ لأنَّ فاعلها ناقص هو الطبیعة، وذلک لأنَّ الطبیعة لاتبدع صفات الأشیاء کلّها معاً، فلذلک تقبل الأشیاء الطبیعیّة الزیادة والنقصان.
ثمّ اعلم أنَّ بعد وجود التعلیمیّات الّتی هی مظهر القدر یقضی الله بوجود الأشخاص الکونیّة، فتلک الأشخاص مطلع القضاء الإلهی ومظهر الحکم الحتم الرّبانی، هکذا ینبغی أن تفهم مراتب الخصال والأسباب من العلم والمشیّة والإرادة والقدر والقضاء من ربّ الأرباب.
کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 145
کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 146