فی جواب بعض الأعاظم عن الإشکال
و لقد تصدّی للجواب عنه بعض أعاظم العصر بما حاصله:
أ نّه أوّلاً: أنّ (لاضرر) لیس علة للقلع، بل علة لوجوب الاستئذان، وإنما أمر بالقلع لسقوط احترام ماله بإصراره علی الإضرار، فأمر به من باب الولایة العامّة حَسْماً للفساد.
و ثانیاً: لو سلّمنا علّیته للقلع إلاّ أ نّه لایُنافی القواعد؛ لحکومة «لاضرر» علی قاعدة السلطنة التی من فروعها احترام مال المسلم الذی هو عبارة عن سلطنة المالک علی منع غیره من التصرّف فی ماله، وقاعدة السلطنة وإن کانت مرکّبة من أمر وجودیّ هو کون المالک مسلّطاً علی التصرّف فی ماله، وأمر سلبیّ هو سلطنته علی منع غیره منه، والضرر یَرِد علی الأنصاری من تصرّف سَمُرة فی ماله بما یشاء، لامن منع الأنصاری عن قلع عَذْقه، ولابدّ أن یرفع بدلیل الضرر الجزء الأخیر من علّة الضرر، ولیس إلاّ دخوله بلا استئذان، لا کون ماله محترماً، لکن هذا الترکیب انحلالیّ عقلیّ، لا أنها مرکّبة من حکمین،
کتاببدائع الدرر فی قاعده نفی الضررصفحه 124
فلامعنی لحکومة (لاضرر) علی أحد الجزءین، والدخول بلا استئذان وإن کان هو الجزء الأخیر من العلّة، لکنه مُتفرّع علی إبقاء النخلة، فالضرر نشأ من علّة العلل، فینفی حقّ الإبقاء؛ لأنّ سَمُرة لم یکن مالکاً إلاّ للنخلة، وله حقّ إبقائها فی البستان، وهذا علّة لجواز الدخول بلا استئذان، فلو کان المعلول مستلزماً للضرر، فدلیل الضرر رافع لعلّته؛ لأنّ الضرر فی الحقیقة نشأ من استحقاق سَمُرة لإبقاء عَذْقه، فقاعدة الضرر ترفع هذا الاستحقاق، والنقض برفع دلیل الضرر اللزوم فی العقد الغبنی دون الصحّة، غیر وارد؛ لأن الصحّة واللزوم حکمان مستقلاّن ملاکاً ودلیلاً، ولاربط بینهما ولا علّیّة بینهما، وأما جواز الدخول بلا استئذان مع کونه مترتّباً علی استحقاق إبقاء العَذْق یکون من آثاره، فالضرر معلول الاستحقاق، کما أنّ الضرر فی الوضوء معلول الإیجاب الشرعی وإن نشأ من اختیار المکلّف انتهی ملخصّاً.
کتاببدائع الدرر فی قاعده نفی الضررصفحه 125