الفائدة الثانیة
کتابالرسائل العشرهصفحه 175
کتابالرسائل العشرهصفحه 176
فی تداخل الأسباب
فائدة : قد عدل شیخنا ا لعلاّمـة ا لحائری ـ أعلی اللّه مقامـه ا لشریف ـ فی أواخر عمره عن تداخل ا لأسباب واختار عدمـه ، وحیث یکون ما اختاره سابقاً هو ا لمرضیّ ا لمختار ، نذکر شبهتـه ا لتی عدل من أجلها ، ونتصدّیٰ للجواب عنها حسبما أدّیٰ إلیـه نظری ا لقاصر .
کتابالرسائل العشرهصفحه 177 قال قدس سره : «إنّ ا لأسباب ـ شرعیـةً کانت أو غیرها ـ إنّما تؤثّر فی حقیقة وجود ا لمسبّبات ، وعنوان «ا لصرفیـة» و«ا لوحدة» و«ا لتعدّد» عناوین منتزعـة بعد تأثیرها ؛ بمعنیٰ أنّ ا لسبب ا لواحد یقتضی مسبّباً واحداً ، لا لأنّ ا لوحدة مأخوذة فی ا لمسبّب ، بل لوحدة ا لسبب ، وکذا ا لحال فی ا لتعدّد ، فعلیٰ هذا فیزداد ا لمسبّب بازدیاد ا لسبب ؛ سواء کان ا لسبب من جنس واحد ، أو من أجناس متعدّدة ؛ فإنّ إطلاق دلیل ا لسببیـة یقتضی ثبوتها لجمیع ا لأفراد» .
وقال قدس سره فی صلاتـه : «إنّ ا لسببین وإن کانا واردین علی ا لطبیعـة ا لواحدة ، لکن مقتضیٰ تأثیر کلّ منهما أن یوجد وجود خاصّ مستند إلیـه ، کما أنّ مقتضیٰ سببیـة ا لنار لإحراق ما تماسّها ، تحقّق ا لاحتراق ا لمخصوص ا لمستند إلی ا لنار ، وإن تعدّدت ا لنار ا لمماسّـة لجسم آخر مثلاً ، یتحقّق احتراق آخر مستند إلی ا لنار الاُخریٰ ؛ وإن کان هذان ا لوصفان ـ أعنی الاستناد إلیها ، وکون الاحتراق ا لثانی احتراقاً آخر ـ غیر مستندین إلی تأثیر ا لسبب» انتهیٰ .
فمحصّل کلامـه : أنّ ا لعلل ا لتشریعیـة کا لعلل ا لتکوینیـة ، فکما أ نّها مع وحدتها یکون ا لمعلول واحداً ، ومع کثرتها کثیراً ، فکذلک إذا تعلّق أمر واحد بحقیقـة ا لوجود یکون ا لمعلول واحداً ، وإذا تعلّقت أوامر متعدّدة یصیر متعدّداً بحسبها .
وا لجواب عنـه : أنّ قیاس ا لعلل ا لتشریعیـة با لعلل ا لتکوینیـة قیاس مع ا لفارق ؛ فإنّ تشخّص ا لمعلول فی ا لعلل ا لتکوینیـة بتشخّص علّتـه ، کما هو ا لمقرّر فی مقارّه وا لمحقّق فی مظانّـه وأ مّا ا لعلل ا لتشریعیـة فإمّا یراد منها ا لأسباب
کتابالرسائل العشرهصفحه 178 ا لتی جعلها ا لشارع علّـةً لمسبّبات خاصّة مثل ا لجنابة وا لحیض ومسّ ا لمیّت ا لتی کلّ منها علّـة لوجوب ا لغسل عند حصولها ، وإمّا ا لأوامر وا لنواهی ا لتی هی علّـة للوجوب وا لحرمـة ، ولمّا کان کلّ منهما مربوطاً بتحقیق ا لإرادة وا لکراهـة ا لقائمتین بنفس الآمر وا لناهی ـ فی غیر مبدأ ا لمبادئ ـ جلّت عظمتـه ـ فإنّ ا لأوامر وا لنواهی معلولات أو ظهورات للإرادة وا لکراهـة ، وا لأسباب ا لشرعیـة أسباب للأوامر وا لنواهی ـ فلابدّ من صرف ا لکلام إلیٰ متعلّق ا لإرادة وا لکراهـة وکیفیـة تعلّقهما بـه ؛ حتّیٰ یتضح ما هو ا لحقّ ا لصراح .
بیان متعلّق الإرادة والکراهة وکیفیّة تعلّقهما به
فنقول : إنّ ا لإرادة وا لکراهـة ـ وغیرهما من ذوات ا لإضافات ـ لا تـتشخّص بنفس ذاتها ، بل یکون تشخّصها بمتعلّقاتها ، فحینئذٍ تصیر فی ا لوحدة وا لکثرة تابعـة للمتعلّقات ، فلا یمکن أن یتعلّق حبّ أو بغض أو إرادة أو کراهـة بشیء واحد مرّتین ـ سواء کان صِرف ا لوجود ، أو حقیقـة ا لوجود ، أو ما شئت فسمّـه ـ فیکون محبوباً أو مبغوضاً أو مکروهاً مرّتین ، فإذا قیل : «إن بلتَ فتوضّأ» و«إن نمتَ فتوضّأ» فلا یمکن أن تکون حقیقـة ا لوضوء مورداً لإرادتین ؛ إلاّ أن یکون ا لوضوء ا لثانی متقیّداً بقید قبل تعلّق ا لإرادة بـه ، فیصیر متشخّصاً آخر تـتعلّق بـه إرادة اُخریٰ .
ولا یمکن أن تکون نفس ا لإرادة مشخّصاً للمراد إلاّ ا لإرادة ا لتکوینیـة ا لتی للمبادئ ا لعا لیـة ؛ وذلک لأنّ ا لإرادة فی غیرها حا لـة إجماعیـة أو همّـة نفسانیـة حاصلـة عقیب ا لشوق ا لتامّ ا لحاصل للنفس عقیب تصوّر ا لموضوع وا لتصدیق بفائدتـه ، وما لم تـتصوّر ا لنفس ا لموضوع بحدوده ولم یصر فی ا لشعبـة ا لقضائیـة للنفس موردَ ا لقبول وا لتصدیق ، لم یتعلّق ا لشوق بـه ، وما لم یتعلّق ا لشوق ا لتامّ بـه
کتابالرسائل العشرهصفحه 179 لم یصر مورداً للإرادة ، وکذا ا لحال فی ا لکراهـة ا لتی هی حا لـة إجماعیـة بعد تنفّر تامّ حاصل عقیب ا لتصدیق بعدم وجود ا لشیء ا لمتصوّر ، فوحدة ا لإرادة وا لکراهـة وکثرتهما تابعتان لوحدة ا لمتعلّق وکثرتـه . وذلک واضح .
وإن شئت فارجع إلی وجدانک تعلم صدق ماذکرنا ، فإنّ حقیقة ا لماء لایمکن أن تکون محبوبـة لک مرّتین ، ثمّ بمحبوبیتک یصیر ا لمتعلّق متکرّراً . وا لطبیعـة وإن کانت قابلـة للتکرار ، لکن مکرّرها لا یمکن أن یکون نفس ا لإرادة وا لکراهـة .
وبما ذکرنا یعلم حال ا لأوامر وا لنواهی وا لأسباب ا لتشریعیـة ا لتی لم تکن أسباباً لمتعلّقاتها ، بل لا أمر بها ولا نهی عنها ، فإنّ ا لتحریک ا لغیر ا لتأکیدی لا یمکن أن یتعلّق بحقیقـة واحدة ، ولو تعلّق ا لأمر بشیء ألف مرّة لا یفید إلاّ تأکیداً .
فحینئذٍ فأصا لـة ا لإطلاق فی ا لمتعلّق تجعلـه غیر قابل للتکرار ، فیقع ا لتعارض بینها وبین ظهور ا لأمر فی ا لتأسیس أو ظهور أدوات ا لشرط فی ا لعلّیـة ا لاستقلالیـة ، وظهور ا لأوّل لا یکون ظهوراً معتدّاً بـه ، وا لثانی أیضاً کذلک أو ممنوع من رأس ، فتقدّم أصا لـة ا لإطلاق ، فتصیر ا لنتیجـة ا لتداخل ، کما لا یخفیٰ .
فإن قلت : إنّ ما ذکرت مسلّم مع کون حقیقـة ا لوجود واحدة ، وأ مّا مع کونها قابلـة للوحدة وا لکثرة ـ کما هو ا لمفروض ا لمحقّق ـ فلا .
کتابالرسائل العشرهصفحه 180 قلت : یکفی فی عدم کثرة ا لإرادة وا لکراهـة وأمثا لهما عدم کثرتها ، فا لکثرة فیها تابعة للکثرة فی ا لحقیقة ، فإذا لم تکن مقتضیة للکثرة فتصیر ا لنتیجـة ا لتداخل .
ولیعلم : أنّ ما ذکرنا ـ من أنّ حقیقـة ا لوجود قابلـة للکثرة وا لوحدة ، وهی بنفسها لا واحدة ولا کثیرة ـ علیٰ سبیل ا لمماشاة مع ا لقوم فی اصطلاحهم واقتضاء علومهم ، وإلاّ فا لتحقیق أنّ ما هو قابل للوحدة وا لکثرة ـ أی لا مقتضیـة لهما ـ هی ا لطبیعـة ا للابشرط ا لمقسمیـة ؛ أی ا لماهیـة من حیث هی ، وهی لا یمکن أن تکون مورداً لإرادة ولا کراهـة ولا أمر ولا نهی ، بل هی بهذا ا لنعت ا للا بشرطی لا توجد إلاّ بنعت ا لکثرة وا لوحدة ؛ حتّی ا لموجود فی ا لذهن بعد ا لتحلیل وا لتجرید لا یکون إلاّ قسماً منها یری ا لمقسم فی ضمن أبسط ا لأقسام .
وهذا نظیر حکمهم : بأنّ ا لمصدر أصل ا لکلام مع أنّ مبدأ ا لمشتقّات یکون بلا اسم ولا رسم ؛ وذلک لأنّ ا لمصدر أبسط ا لمشتقّات علیٰ رأیهم فیکون معرّفاً لما هو أصل ا لمشتقّات ، لا هو بنفسـه أصلها .
فقد علم : أنّ ما هو ا لموصوف بـ «أ نّـه لا واحد ولا کثیر» لا یمکن أن یکون حقیقـة وجود ا لمسبّبات ، کما أفاده شیخنا ا لعلاّمـة ، وما هو متعلّق ا لإرادة وا لکراهـة لا یمکن أن یکون تلک ا لطبیعـة ا للا بشرطیـة . وتحقیق هذا ا لمقام یحتاج إلی بسط ا لکلام ؛ وبیان متعلّق ا لإرادة وا لکراهـة ، وا لأوامر وا لنواهی ، وا لنقض وا لإبرام فیـه ، ولیس هنا مقامـه .
وا لحمد للّه أوّلاً وآخراً .
کتابالرسائل العشرهصفحه 181
کتابالرسائل العشرهصفحه 182