فروع:
حرمة تصویر الأصنام
الأوّل: لاشبهة فی حرمة تصویر الأصنام للعبادة بها أو لإبقاء آثار السلف الفاجر، من غیر فرق بین المجسّمة وغیرها، ولابین الإیجاد التسبیبی والمباشری، ولابین صور الروحانیین وغیرها، ولا الحیوان وغیره.
فلوعمل صورة بعض أرباب الأنواع المتوهّمة التی کانت مورد تعبّدهم أو صورة شجرة کذائیّة کان حراماً مطلقاً ولایجوز إبقاؤها واقتناؤها.
المکاسب المحرمةج. 1صفحه 268
وذلک لما نعلم من مذاق الشارع الأقدس أ نّه لایرضی ببقاء آثار الکفر والشرک للتعظیم أو لحبّ بقاء آثارهما والفخر بها، کما تری من بعض أولاد الفرس من الحرص علی إبقاء الآثار القدیمة المربوطة بالمجوس وعبدة النیران.
وقد مرّ أنّ جملة من الأخبار راجعة إلی هذه الناحیة. فالفروع الآتیة إنّما هی فی غیرتلک الصور الخبیثة.
ولاینافی ذلک لما قدّمناه سابقاً من تجویز بیع الصنم الذی انقرض عصر عابدیه وإنّما یشتریه بعض الناس لحفظ الآثار العتیقة، لأنّ المنظور فی ذلک المقام جواز المعاوضة علیه إن کان المقصود مجرّد ذلک، لاحفظ شعار الأجداد کما فی المقام.
کما لاینافیه بعض الروایات الواردة فی الوسائد المنقوشة بالنقوش التی کانت الأعاجم یعظّمها، لو کان المراد منها صور أرباب الأنواع ونحوها ممّا کانت مورد تعظیمهم، بعد ما لم یکن الحفظ للتعظیم بل للتحقیرکما فی الروایات أو لمجرّد استفادة التوسّد والافتراش، فإنّ الأحکام تختلف بالجهات والحیثیّات. هذا مع عدم معلومیّة کون النقوش من قبیلها أو من سلاطینهم أو غیر ذلک.
أدلّة حرمة التصویر ظاهرة فی المباشرة بالید
إذا عرفت ذلک فنقول: إنّ الظاهر من الأدلّة هو حرمة تصویر الصور وتمثیل المثال، وهما لایشملان إلاّ للمصنوع بید الفاعل مباشرة بمعنی صدور عمل التصویر منه وبیده، کما کانت صنعة الصور کذلک فی عصر صدور الروایات
المکاسب المحرمةج. 1صفحه 269
فلایشملان لإیجاد الصور کیف ما کان.
فلو فرضت مکینة صنعت لإیجاد المجسّمات وباشر أحد لاتصال القوّة الکهربائیّة بها فخرجت لأجلها الصوّر المجسّمة منها، لم یفعل حراماً ولم تدلّ تلک الأدلّة علی حرمته، لعدم صدق تصویر الصور وتمثیل المثال علیه. فلو نسبا إلیه کان بضرب من التأویل والتجوّز، فإنّ ظاهر «من صوَّر صوراً أو مثّل مثالاً» سیّما فی تلک الأعصار صدورهما من قوّته الفاعلة، فیکون هو المباشر لتصویرها.
فکما أنّ قوله: «من کتب کتاباً» لایشمل من أوجد الکتابة بالمطابع المتعارفة أو أخذ الصورة منه، فمباشر عمل المطبعة وأخذ الصور لیس کاتباً ولاکتب شیئاً، کذلک صاحب المکینة العاملة للصور وکذا المصوّر لیسا مصوّرین وممثّلین للصور والمثل إلاّ بضرب من التأویل والتجوّز، ولایصار إلیه إلاّ بدلیل وقرینة، من غیر فرق بین الصور المنطبعة فی الزجاجة والمنعکسة منها إلی الصحائف، وإن کان عدم الصدق فی الأوّل أوضح.
نعم، لو کان وجود شیء مبغوضاً فی الخارج کان إیجاده بأیّ نحو کذلک، لاتحاد الإیجاد والوجود ذ ا تاً وإنّما اختلافهما بالاعتبار، تأمّل.
لکن لم یحرز فی المقام ذلک، بل سیأتی أنّ الأقوی جواز اقتناء الصور وعدم وجوب کسرها، فعلیه لادلیل علی حرمة إیجادها بأیّ نحو کان.
إلاّ أن یدّعی أنّ ذلک المدّعی لو تمّ فی مثل قوله: «من صوّر صورة أو مثالاً» لایتمّ فی مثل قوله: «مثّل مثالاً»، فإنّ الظاهر منه حرمة مثول المثال وهو شامل للإیجاد، أو مخصوص به، أو یدّعی إلغاء الخصوصیّة عرفاً وفهم الإیجاد التسبیبی من الأدلّة بإلغائها.
المکاسب المحرمةج. 1صفحه 270
وهما أیضاً محلّ إشکال ومنع، لأنّ الظهور المدّعی إنّما هو لهیئة الفعل فإنّها ظاهرة فی الإیجاد المباشری إلاّ مع قیام قرینة من غیر فرق بین الموارد، بل الظاهر من قوله: «من مثّل صورة أو مثالاً» هو تصویر الصورة وتمثیلها بقدرته وعلمه بذلک الصنع، والمباشر لاتّصال القوّة بالمکینة أو لإلقاء الجصّ فی القالب ربّما لایکون مصوّراً وعالماً بالتصویر ولاقادراً علیه.
نعم، فی بعض الأحیان تقوم القرینة علی التعمیم، أو علی التخصیص بغیر المباشرة، وهو أمرآخر.
وأمّا فی مثل المقام الذی کان المتداول فی التصویر والتمثیل تحصیلهما بمباشرة الید وقدرة الصنع، وربما یفعل بمثل المکائن والقوالب کما فی هذا العصر ولم یکن ذلک أیضاً متداولاً فی تلک الأعصار حتی یکون التداول قرینة علی إرادة الأعمّ، فالظاهر من الأدلّة هو النحو الأوّل، والتعمیم یحتاج إلی دلیل وهو مفقود.
ودعوی إلغاء الخصوصیّة أیضاً ممنوعة، ولا أقل من الشکّ فیه. نعم لوکان وجودها مبغوضاً کان الأمر کما ذکر ویأتی الکلام فیه، ولکن الاحتیاط بترکه مطلقاً لاینبغی أن یترک.
المکاسب المحرمةج. 1صفحه 271