المقدّمة
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 5
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 6
فصل البحث حول موضوع العلم
وبعد ، اعلم : أنّ من مسلّمات أهل ا لفنون من ا لحکماء وأصحاب ا لمیزان ، أمرین :
أوّلهما : أنّ موضوعات ا لعلوم هی ا لتی یبحث فی تلک ا لعلوم عن عوارضها ا لذاتـیّـة .
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 7
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 8 وثانیهما : أنّ تمایز ا لعلوم بتمایز ا لموضوعات .
وهاهنا شیء آخر قد تسا لم علیه أصحاب فنّ الاُصول من ا لسابقین ا لأوّلین : وهو أنّ موضوع علم الاُصول ا لأدلّـة ا لأربعة بما هی متّصفـة با لوصف ا لعنوانیّ .
واستشکل علیـه بعض ا لمحقّقین : بأنّ عمدة ا لمباحث الاُصولیّـة ، [تخرج عن کونها اُصولیّـة علیٰ هذا ا لفرض ، مثل حجّیـة ا لخبر ا لواحد ، ومباحث ا لتعادل وا لترجیح وأمثا لهما ، وتندرج فی ا لمبادئ .
وقد یقال : إنّ ا لموضوع ذوات ا لأدلّـة ، لابما هی متّصفـة بهذا ا لوصف ، فیکون ا لبحث عن حجّیـة ا لخبر ، بحثاً عن ا لعوارض ا لذاتـیّـة لذات ا لموضوع ؛ فإنّ ا لخبر من ا لسنّـة ، وهی ا لموضوع ، واتصافـه با لحجّیـة من ا لعوارض ا لذاتـیّـة للموضوع .
واستشکل علیٰ هذا أیضاً : بأنّ حجّیة ا لخبر ا لواحد ، لاتکاد تعدّ من عوارض ا لسنّـة ، بل هیمن عوارض ا لخبرا لواحد ، وا لخبر بما هو لایکون موضوعاًللعلم .
وقد تصدّی ا لعلاّمـة ا لخراسانیّ رحمه الله لدفع تمام ا لإشکا لات ؛ بأنّ موضوع ا لعلم لا هذا ولا ذاک ، بل هو ا لکلّی ا لمتّحد مع موضوعات ا لمسائل خارجاً ، علیٰ
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 9 وزان اتحاد ا لطبیعیّ مع أفراده ، وا لمغایرة من حیث ا لمفهوم ، کما هو ا لشأن فی ا لطبیعیّ مع ا لأفراد .
وا لإشکال علیـه تارة : بأ نّـه ربّما لانعرف فی بعض ا لعلوم ، جهةً مشترکة متّحدة مع موضوعات ا لمسائل ، کی تکون هی ا لموضوع للعلم .
واُخریٰ : بأ نّـه مع عدم تشخیص ا لموضوع ، ربّما تـتداخل ا لعلوم فی ا لمسائل ، ولایعلم أ نّها من أیّ علم من ا لعلوم ، وقد تسا لم ا لقوم علیٰ أنّ تمایز ا لعلوم با لموضوعات .
مندفع :
أمّا ا لأوّل : فبأ نّـه لابدّ وأن تکون بین ا لمسائل جهـة مشترکـة ساریـة فی جمیع موضوعات مسائل کلّ فن من ا لفنون ، وهذه هی موضوع ا لعلم وإن لم نعرف اسمها ؛ إذ ا لأسماء لادخل لها فی ا لمعانی .
وأمّا ا لثانی : فبأ نّـه لانسلّم هذا ا لتسا لم ، بل نقول فی قبا لهم : إنّ تمایز ا لعلوم بتمایز ا لأغراض ، لا ا لموضوعات ، وکلّ مسألـة دخیلـة فی غرض ا لمدوّن ، تکون لا محا لـة من مسائل ا لعلم ا لمدوَّن .
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 10
تمایز العلوم بتمایز الموضوعات
هذا ، وا لذی یؤدّی إلیـه ا لنظر : أنّ مسائل ا لعلوم وا لفنون ؛ من ا لأدبیّـة ، وا لعقلیّـة ، وا لفقهیّـة ، والاُصولیّـة وغیرها ، کلّها تکون فی حدود ذواتها ـ مع قطع ا لنظر عمّا عداها من ا لمدوِّن وأغراضـه ـ ذاتَ خصوصیّـة ، بها تمتاز مسائل کلّ علم عمّا سواها من مسائل ا لعلم الآخر .
وإن شئت قلت : إنّ کلّ مسألـة من کلّ علم ، لها بنفسها خصوصیّـة ذاتـیّـة ،
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 11 تشترک هذه ا لمسألـة فی لواء هذه ا لخصوصیّـة مع عدّة مسائل اُخریٰ ، فتکون هذه وتلک جمیعاً من فروع علم واحد ، وهذه ا لحیثیّـة ا لمشترکـة ثابتـة وساریـة فی جمیع مسائل ا لفنّ ، من دون نظرٍ إلیٰ ما هو ا لغرض من ا لتدوین أصلاً .
مثلاً : عند ا لإمعان فی مسائل علم ا لنحو ، یتّضح أنّ ما یبحث عنـه فی تمامها لیس إ لاّ کیفیّـة أواخر ا لکلمـة ؛ من ا لمرفوعیّـة ، وا لمنصوبیّـة ، وا لمجروریّـة ، وتلک ا لخصوصیّـة ساریـة فی جمیع مسائل علم ا لنحو ولو مع ا لغفلـة عمّا هو ا لغرض من ا لتدوین ؛ إذ من ا لواضح أنّ تلک ا لخصوصیّـة ا لساریـة ، لاتکون إ لاّ لذوات ا لمسائل بما هی مسائل ، بدون أن یکون للأغراض ا لداعیـة إلی ا لتدوین دخل فیها أصلاً .
وهکذا علم ا لصرف وا لمعانی وا لبیان وا لفلسفـة وغیرها ، فإنّ ا لخصوصیّـة ا لموجودة ساریـة فی جمیع مسائل ا لفلسفـة ا لإلهیّـة ، وثابتـة لتمامها ، من غیر دخا لـة للأغراض فیها ؛ بل هی بنفس ذواتها واجدة لتلک ا لخصوصیّـة ا لمشترکـة .
ولباب ا لکلام : أنّ ا لمسائل ا لمتشتّتـة فی کلّ علم مع تشتّتها ، لها خصوصیّـة
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 12 جامعـة لشتاتها ، وحافظـة لمتفرّقاتها ، وتلک ا لخصوصیّـة ثابتـة فی حدّ ذاتها مع قطع ا لنظر عن ا لأغراض ؛ فإنّ ا لأغراض جهات طارئـة خارجـة عن ذوات ا لمسائل ، ولاتکاد تکون ممیّزة للعلوم ؛ لأنّ ا لممیّز لابدّ وأن یکون من ا لخصوصیّات ا لثابتـة لذوات ا لمسائل ؛ إذ ا لغرض ا لأوّل من ا لفلسفـة وإن کان ا لعلم بموجودیّـة ا لأشیاء ، وا لعلم هو ا لتصدیق ، إ لاّ أنّ ا لعلم کیف یمکن أن یکون ا لجهـة ا لممیّزة للفلسفـة عن غیرها من ا لعلوم ؛ بحیث یکون جامعاً لمسائلها ، ومانعاً عن غیرها ؟ ! فإنّ ا لعلوم کلّها ممّا یتعلّق هذا ا لغرض بها ، وتکون مسائل جمیع ا لفنون واجدة لتلک ا لخصوصیّـة من حیث تعلّق ا لغرض بها .
نعم ، ا لأغراض إنّما تکون متفرّعـة علیٰ تلک ا لخصوصیّات ا لذاتـیّـة ا لثابتـة لجمیع ا لمسائل فی ا لمرتبـة ا لثانیـة ، وهذا ممّا لاینکر ا لبتّـة ؛ فإنّ ا لغرض من تدوین ا لنحو مثلاً ؛ هو ا لعلم بکیفیّـة أواخر ا لکلمـة ، ومن ا لمعلوم أنّ هذا ا لغرض لایتعلّق إ لاّ بعد ما کانت لمسائل ا لنحو خصوصیّـة ذاتـیّـة ؛ هی کیفیّـة أواخر ا لکلمـة . هذا کلّـه إذا کان ا لمراد من «ا لغرض» ا لأوّلی .
وأمّا إذا کان ا لمراد ا لأغراض ا لثانویـة ، کتحصیل نفع أو مصلحـة من ا لمسائل ا لشخصیّـة أو ا لنوعیّـة ، مثل ا لتقرّب إلی اللّه تعا لیٰ ، أو غیر ذلک ، فهی ممّا تختلف باختلاف ا لأشخاص ، فکیف یحصل بها ممیّز کلّی فی ا لعلوم ؟ !
فانقدح بذلک : أنّ موضوع ا لعلم هو ا لحیثیّـة ا لمشترکـة ا لجامعـة ا لتی تشترک فیها ا لمسائل بأجمعها ، وعین هذه ا لحیثیّـة هی ا لجهـة ا لممیّزة بین ا لعلوم . هذا با لنسبـة إلیٰ موضوعات ا لعلوم .
حول تمایز المسائل
وأمّا امتیاز نفس ا لمسائل بعضها عن بعض ، فهو أیضاً بنفس ذوات ا لمسائل ؛
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 13 فإنّ ا لخصوصیّـة ا لتی تکون فی هذه ا لمسألـة ، غیر ما تکون فی غیرها ، لکن هذه ا لجهات ا لممیّزة بین ا لمسائل ، إنّما تنتزع من ا لحیثیّـة ا لمشترکـة ا لکلیّـة ا لتی تکون موضوعاً للعلم ، وتکون تلک ا لجهات خارجـة عن ذات ا لموضوع مفهوماً ، ومتّحدة معها خارجاً ، علیٰ وِزان خارجات ا لمحمول ، لا ا لمحمولات با لضمیمـة ا لتی تکون حقائق غیر حقیقـة ا لموضوع .
کیف ؟ ! ولایمکن أن تکون تلک ا لجهات ا لممیّزة بین ا لمسائل ، هی عین ا لجهـة ا لمشترکـة ذاتاً ومفهوماً ؛ لأنّ ا لحیثیّـة ا لمشترکـة لایعقل أن تکون عین ا لحیثیّات ا لمتمایزة فی ا لمسائل ، ولا جزءها ، بل إنّما تکون مغایرة لها مفهوماً ، ومن عوارضها ا لتی تتّحد معها وجوداً ، کما هو ا لشأن فی ا لعوارض ا لتی من قبیل خارجات ا لمحمول ، فتحمل هذه ا لجهات ا لمتمایزة ا لمائزة بین ا لمسائل علی ا لجهـة ا لمشترکـة ا لوحدانیّـة ، وتکون محمولات لها .
ومن هنا ینقدح : ا لفرق بین ا لعرض ا لمصطلح فی لسان ا لطبیعیّ ، وا لعرض ا لمصطلح فی لسان ا لمنطقیّ ، وتنقدح أیضاً مواضع ا لخلط بین ا لاصطلاحین ؛ إذ ا لعرض فی اصطلاح ا لطبیعیّ : هو ما إذا وجد وجد فی ا لموضوع ، فی قبال ا لجوهر ا لذی یوجد لا فی ا لموضوع ، بل علیٰ نحو ا لاستقلال .
وا لعرض فی لسان ا لمنطقیّ : هو ما یکون خارجاً عن مقام ا لذات ولو کان منتزعاً عنها ، وبهذا ا لاصطلاح یکون مفهوم ا لناطق عرضاً با لنسبـة إلیٰ مفهوم ا لحیوان ؛ لأنّ ا لناطق مفهوم خارج عن مفهوم ا لحیوان ، وکذلک ا لحیوان با لنسبـة إلیٰ مفهوم ا لناطق ، ولکنّهما ذاتـیّان با لنسبـة إلی ا لإنسان ، ولذا کان حمل
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 14 «ا لإنسان» علیٰ «ا لحیوان ا لناطق» حملاً أوّلیّاً مفهومیّاً .
وعلیٰ هذا ، فقد یکون ما فی ا لاصطلاح ا لمنطقیّ با لنسبـة إلیٰ شیء عرضاً ، وبا لنسبـة إلیٰ شیء آخر ذاتـیّاً ، وأمّا ا لأعراض فی لسان ا لحکیم ا لطبیعیّ ، فهی ممّا لاتختلف با لوجوه وا لاعتبارات .
إذا عرفت ذلک یظهر : أنّ ا لجهات ا لمائزة ا لمتمایزة فی ا لمسائل ا لتی حکمنا بأ نّها من عوارض ا لجهـة ا لمشترکـة ، إنّما هی عوارض لها فی اصطلاح ا لمنطقیّ ، لا ا لعوارض باصطلاح ا لطبیعیّ ؛ فإنّها تکون با لنسبـة إلی ا لجامع من قبیل خارج ا لمحمول ؛ بمعنیٰ أ نّها متّحدة فی ا لخارج معها بحیث لایکون فی ا لخارج شیء غیر تلک ا لحیثیّـة ا لمشترکـة ، مثل أنّ ا لجسمیّـة لیست إ لاّ ما تکون فی ا لخارج موجودةً ، حیث لایکون فی ا لخارج شیء بحذاء ا لجسمیّـة ، وشیء آخر بحذاء ا لموجودیّـة ، وهکذا ا لعقل ، وکلّ ما یقال : «إنّـه موجود» با لحمل ا لشائع .
فما هو ا لجهـة ا لمشترکـة فی جمیع مسائل علم ا لفلسفـة ، ویکون موضوعاً للعلم ، هو ا لموجود بما هو موجود ، وا لحیثیّات ا لمائزة ا لمتمایزة ـ کا لجسمیّـة ، وا لهیولیٰ ، وا لصورة ، وا لعقل ، وکلّ ما یقال : «إنّـه موجود» ـ إنّما هی ا لجهات ا لمنتزعـة من ا لوجود ، وتکون من عوارض ا لموجود بما هو موجود ؛ بحیث لایکون فی ا لخارج إ لاّ نفس أ نّـه موجود .
لایقال : بناءً علیٰ هذا ، فا لجهـة ا لمشترکـة ا لتی تکون موضوعاً للعلم ، هی محمول ا لمسائل ، لا أ نّها موضوع ا لمسائل ، کما یقال : «ا لجسم موجود» و «ا لعقل موجود» .
لأ نّا نقول : ا لمتداول بین ألسنـة أهل ا لمیزان ، هو حمل ا لأخصّ علی
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 15 ا لأعمّ ، وإ لاّ فموضوعیّـة ا لموجود ممّا لا شک فیها ، کما أنّ عرضیّـة ا لجسم با لمعنی ا لذی ذکرناه ، لیس مشکوکاً فیها .
وأمّا ما أفاده صاحب «ا لفصول» تارة : بأنّ ا لعرض ا لذاتیّ هو ما کان عارضاً للمعروض بلا واسطـة عارضٍ آخر .
واُخریٰ : بأنّ تمایز ا لعلوم بتمایز ا لموضوعات ا لمتقیّدة با لحیثیّات ، کا لکلمـة وا لکلام من حیث ا لإعراب وا لبناء .
فواضح ا لفساد ؛ لما فی ا لأوّل : من أنّ ا لمراد با لعرض کما حقّقناه ، لیس ما هو مصطلح فی باب ا لطبیعیّات ، کی یقال : «إنّ ا لعرض ا لذاتیّ کذا» وهذا من ا لخلط بین ا لاصطلاحین .
ولما فی ا لثانی : من أنّ تمایز ا لعلوم بتمایز ا لحیثیّات ا لمشترکـة ا لساریـة فی جمیع ا لمسائل ؛ بحیث یکون ا لموضوع نفس تلک ا لحیثیّـة ، وهی ا لجامعـة ا لمائزة ، لا أ نّـه بتمایز ا لموضوعات ا لمتقیّدة با لحیثیّات .
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 16 وأمّا تمثیلـه با لکلمـة وا لکلام من حیث ا لإعراب وا لبناء ، فغیر خالٍ من ا لتسامح کما لایخفیٰ ، ولعلّـه لتفهیم ا لمتعلّمین .
وأمّا ما أفاده ا لمحقّق ا لخراسانیّ رحمه الله : من أنّ موضوع ا لعلم هو نفس موضوعات ا لمسائل ، وما یتّحد معها خارجاً ، کا لطبیعیّ وأفراده .
ففیـه : أنّ ا لطبیعیّ تمام حقیقـة کلّ فرد من أفراده ، کا لإنسان با لنسبـة إلیٰ أفراده ، ولیست ا لأفراد خارجـة عنـه کی تکون من عوارضـه ، وتکون من خارجات ا لمحمول ، وقد عرفت : أنّ ا لجهات ا لمائزة بین ا لمسائل ، جهات منتزعـة من ا لجهـة ا لمشترکـة ، وتکون با لنسبـة إلی ا لجامع من قبیل خارج ا لمحمول ، وأ نّها عوارض ذاتـیّـة بحسب اصطلاح ا لمنطقی . هذا کلّـه فیما هو ا لموضوع للعلوم ، وما هو ا لممیّز فیها علی ا لنحو ا لکلی .
موضوع علم الاُصول
وأمّا موضوع علم الاُصول ، فقد قال مؤسّسـه ا لأوّل فی رسا لـة لـه تسمّیٰ بـ «ا لرسا لـة ا لشافعیّـة» : إنّ موضوع ا لعلم هو عنوان «ا لحجّـة فی ا لفقـه» لأ نّـه یبحث فیـه عن أنّ ا لقیاس حجّـة أم لا ، أو أنّ قول ا لصحابیّ حجّـة فی ا لفقـه أم لا ، أو أنّ ا لاستصحاب حجّـة فی ا لفقـه أم لا ، أو أنّ ا لاستحسان حجّـة ، أو خبر
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 17 ا لواحد ـ أو غیر ذلک من موضوعات ا لمسائل ـ حجّـة فی ا لفقـه أم لا .
وعنوان «ا لحجّـة فی ا لفقـه» بما أ نّـه جارٍ وسارٍ فی جمیع ا لمسائل ، هو ا لموضوع للعلم ، وهو بعینـه موضوع ا لمسائل أیضاً ، وإن وقع محمولاً فی قضایا ا لمسائل ، وحمل علیٰ موضوعاتها ، کما أشرنا إلیـه فی قضیّـة «ا لجسم موجود» وهذا هو صراح ا لحقّ فی موضوع علم الاُصول کما یؤدّی إلیـه ا لنظر ، وبـه تندفع جمیع ا لإشکا لات :
أمّا ما أفاده صاحب «ا لقوانین» : من أنّ ا لبحث عن دلیلیّـة ا لدلیل ، بحث عن ا لمبادئ ، فمردودٌ : بأنّ ا لموضوع لیس ا لأدلّـة بما هی أدلّـة ، بل ا لموضوع هو عنوان «ا لحجّـة فی ا لفقـه» وکلّ ما یکون خارجاً عن ذات هذا ا لعنوان ومحمولاً علیـه ، یکون من عوارض ا لموضوع حسب اصطلاح ا لمنطقیّ .
وعلیٰ هذا ، فکلّ مسألـة من ا لمسائل ، لو کان ا لبحث فیها عن حجّیتها ، فهی من عوارض ا لحجّـة ، فتکون من ا لمسائل :
أمّا خبر ا لواحد ، فیبحث فیـه عن أ نّـه حجّـة فی ا لفقـه أم لا ، کما أنّ ا لشهرة أو ا لإجماع أو حجّیـة أیّ من ا لخبرین فی باب ا لتعارض کذلک .
وأمّا سائر ا لمسائل ، فمسألـة ا لاشتغال یبحث فیها عن حجّیـة ا لعلم ا لإجما لیّ ؛ وأ نّـه کا لعلم ا لتفصیلیّ فی ا لحجّیـة تنجیزاً أم لا .
وا لقطع وإن کان من شدّة ا لوضوح بمثابـة لایبحث فی حجّیتـه ، بل حجّیـة کلّ شیء با لقطع ، وحجّیـة ا لقطع بمقتضیٰ ذاتـه ، إ لاّ أ نّـه إذا توهّم ا لمتوهّم وشکّ
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 18 فی حجّیتـه ، فإثبات حجّیتـه حینئذٍ یجعلـه من ا لمسائل .
وقد أفاد ا لمحقّق ا لخراسانیّ : أ نّـه بمسائل ا لکلام أشبـه .
وأنت خبیر بما فی هذا ا لکلام ؛ لأنّ ا لبحث فی علم ا لکلام عن إثبات واجب ا لوجود وتوحیده وصفاتـه تعا لیٰ ، وإثبات ا لنبوّة وا لولایـة وا لعقائد ا لإسلامیّـة ، ولیست حجّیـة ا لقطع من جملـة هذه الاُمور .
وأمّا مسألـة حجّیـة ا لظواهر ، فهی وإن کانت ممّا لا ریب فیها ، إ لاّ أنّ ا لقدماء یعنونون هذا ا لبحث فی خصوص ا لموارد ا لتی یعرض للکلام اعتلال ما من ا لتقیید وا لتخصیص ؛ ممّا یوجب اضطراب ا لظهور ، وکانوا یبحثون فی أنّ ا لعامّ وا لمطلق بعد ا لتخصیص وا لتقیید ، باقیان علی ا لحجّیـة أم لا .
ولکنّ هذا ا لبحث فی کتب ا لمتأخّرین ، معنون علی ا لنحو ا لأعمّ ا لأبسط ، من دون اقتصارٍ علیٰ تلک ا لموارد . فعلیٰ کلّ حال ا لبحث عن حجّیـة ا لظهور بحث عن عوارض ا لحجّـة ، ویکون من ا لمسائل .
ومن ا لموارد ا لتی کان ا لظهور فیها ضعیفاً قابلاً للتردید وا لإنکار ، هو ا لبحث عن حجّیـة ا لمفاهیم ، وسنبرهن فی محلّـه علیٰ أنّ وجود ا لمفهوم ولو علیٰ نحو ا لإبهام وغایـة ا لضعف ، ممّا لایقبل ا لإنکار ، إنّما ا لکلام فی حجّیـة هذا ا لظهور وعدمها ، وهذا بخلاف ما هو ا لمعروف عن ا لشیخ رحمه الله فی باب ا لمفاهیم . وعلیٰ هذا کان ا لبحث عن حجّیّـة ا لمفاهیم من ا لمسائل أیضاً .
وأمّا مسألـة ا لبراءة ، فا لبحث فیها یرجع إلیٰ أنّ احتمال ا لتکلیف ـ کا لقطع
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 19 بـه ـ منجّز أم لا ، ومنجّزیـة ا لاحتمال عبارة اُخریٰ عن ا لحجّیّـة فی ا لفقـه .
وأمّا ا لاستصحاب ، ففیـه یبحث أیضاً عن حجّیـة ا لبقاء وا لبناء علی ا لحا لـة ا لسابقـة أم لا .
وفی ا لتخییر عند عدم إمکان ا لاحتیاط ، أو ترجیح أحد ا لجانبین ، یبحث فی الاُصول عن أنّ هذا ا لجانب ، هل هو حجّـة فی ا لفقـه أم لا ؟ وحینئذٍ لا مجال للتخییر ، بل هو من باب ا لتعادل وا لترجیح ، وأمّا مع عدم ا لترجیح وتساوی ا لطرفین ، فیبحث فیـه عن أنّ ا لتخییر با لنسبـة إلیٰ کلّ من ا لطرفین ، معذِّر عن ا لتکلیف وحجّـة فی ا لفقـه ، وتؤلّف منـه قضیّـة حملیّـة ؛ من موضوع خاصّ ، ومحمول عامّ ؛ هو عنوان «ا لحجّـة فی ا لفقـه» .
نعم ، بعض ا لمباحث وا لمسائل ا لتی لایمکن إیقاعها موضوعاً لهذا ا لمحمول ـ کبعض مباحث ا لألفاظ مثل مسألـة ا لوضع ، وا لحقیقـة وا لمجاز ، وا لمشتقّ وغیرها ، أو کبعض ا لمسائل ا لعقلیّـة مثل مسألـة ا لضدّ ، واجتماع ا لأمر وا لنهی ـ هی إمّا من ا لمبادئ ا للّغویـة ، أو من ا لمبادئ ا لأحکامیّـة ، کبحث مقدّمـة ا لواجب ، کما سیأتی إن شاء اللّه تعا لیٰ .
هذا تمام ا لکلام فی تمایز ا لعلوم ، وموضوع علم الاُصول .
وأمّا تعریفـه ، فبعدما حقّقناه فی موضوعـه ، واضح لایحتاج إلیٰ مزید بیانٍ .
هذا هو ا لحقّ ، ونحن معـه حیثما دار ؛ فإنّ «الْحَقّ أحَقُّ أنْ یُتَّبَعَ» ولو کان فی «ا لرسا لـة ا لشافعیّـة» فافهم وتأمّل فی ا لمقام .
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 20
فصل البحث فی الوضع
قال ا لمحقّق ا لخراسانیّ : ا لوضع نحو اختصاص للّفظ با لمعنیٰ .
ولایخفیٰ : أنّ هذا ا لکلام لیس إ لاّ إحا لـة إلیٰ مجهول ، ولیس لـه معنیٰ محصّل دالّ علیٰ کیفیّـة تعلّق ا لألفاظ با لمعانی . علیٰ أنّ ا لوضع لیس هو اختصاص ا للّفظ وارتباط با لمعنیٰ ، بل ا لارتباط وا لاختصاص ما یحصل من ا لوضع ، فحینئذٍ لابدّ وأن یکون ا لمراد بـ «ا لوضع» هاهنا بمعنی اسم ا لمصدر ، کی یصحّ أن یقال : «إنّـه نحو اختصاص للّفظ با لمعنیٰ» .
فنقول : ا لوضع باعتبار هذا ا لمعنیٰ ، لیس إ لاّ ا لدلالـة ا لشأنیّـة ، وجعل ا للّفظ بحیث إذا سمع یفهم منـه ا لمعنیٰ ، وینتقل ا لذهن من هذا ا لکیف ا لمسموع إلی ا لمعنیٰ .
وهذه ا لدلالـة ا لشأنیّـة باعتبار سببها تنقسم إلیٰ ما هی با لتعیین ، أو بکثرة ا لاستعمال .
وملخّص ا لکلام : هو أنّ وضع ا للّفظ بمعناه ا لاشتقاقی ا لمفعولیّ ، أو بمعنی
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 21 اسم ا لمصدر ، هو ا لدلالـة ا لشأنیّـة علی ا لمعنیٰ بنحو ا لاندکاک وا لمرآتـیّـة ، بحیث إذا سمع یفهم منـه ا لمعنیٰ ، وهذه ا لدلالـة بهذه ا لحیثیّـة لاتحصل بصرف ا لوضع ، بل إنّما تحصل باتباع ا لواضع فی ا لوضع ا لتعیینیّ ، وبکثرة ا لاستعمال فی ا لوضع ا لتعیّنیّ .
فا لدلالـة ا لشأنیّـة للألفاظ تارة : تحصل بتعیین ا لواضع بشرط اتباعـه .
واُخریٰ : بکثرة ا لاستعمال .
وثا لثـة : باستعمال ا للّفظ بداعی ا لوضع .
حول أقسام الوضع والموضوع له
ثمّ إنّـه لو کان ا للّحاظ علیٰ نحو ا لمفهوم ، ووضع ا للّفظ لهذا ا لملحوظ ا لعامّ ، کان ا لوضع عامّاً ، وا لموضوع لـه کذلک .
ولو کان ا لملحوظ حین ا لوضع عامّاً ، لکنّ ا لوضع بإزاء ا لخواصّ وا لجزئیّات ، کان ا لوضع عامّاً ، وا لموضوع لـه خاصّاً .
وإن کان ا لملحوظ خاصّاً ، وا لوضع بإزاء هذا ا لخاصّ ، فا لوضع وا لموضوع لـه خاصّان ، کما فی ا لأعلام ا لشخصیّـة . وهذه ا لأقسام ا لثلاثـة ممّا لایکاد
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 22 یشکّ فی تصویرها .
إنّما ا لکلام فی تصویر قسم رابع ؛ هو ا لوضع ا لخاصّ وا لموضوع لـه عامّ ، کما یتراءیٰ تصویره من کلام ا لمحقّق ا لرشتیّ .
ولکنّ ا لحقّ علیٰ خلاف ما فرضـه ؛ إذ ا لجزئیّ لیس بکاسب ولا مکتسب ، ولایمکن أن یکون بجزئیّتـه وجهاً وعنواناً للعامّ ، کما یمکن أن یکون ا لعامّ وجهاً وعنواناً للأفراد ، هذا هو ا لسرّ فی استحا لـة ا لقسم ا لرابع . هذا کلّـه بحسب مقام ا لفرض وا لثبوت .
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 23
المعنی الحرفی
وأمّا بحسب مقام ا لإثبات ، فذکرت لکلّ من ا لأقسام ا لمفروضـة أمثال ، وقد اضطربت أفهام ا لأعلام فی خصوص ا لقسم ا لثانی ؛ وهو ا لوضع ا لعامّ وا لموضوع لـه ا لخاصّ ، ا لذی یتمثّل با لحروف ، فا لاختلاف کلّـه إنّما هو فیما هو ا لموضوع لـه فی ا لحروف .
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 24 فقد قال ا لمحقّق ا لرضیّ : إنّ ا لاسم وا لحرف کلیهما فی مرتبـة ا لذات سیّان ، من دون فرق جوهریّ بینهما ، وا لخصوصیّـة ا لاستقلالیّـة وا لغیریّـة ناشئـة من قِبَل ا لاستعمال .
وقال أیضاً فی تحقیق کلامـه : إنّ ا لاسم ما دلّ علیٰ معنیٰ فی نفسـه ، وا لحرفَ ما دلّ علیٰ معنیٰ فی غیر هذه ا لکلمـة .
وهذا فی قبال من قال : إنّ معنی ا لتعریف ؛ أنّ ا لاسم کلمـة دلّت فی نفس هذا ا لمعنیٰ ، وا لحرف کلمـة دلّت علیٰ معنی فی غیر هذا ا لمعنیٰ ، وا لفرق بین ا لاسم وا لحرف هو ا لفرق بین ا لعرض وا لجوهر .
وخلاصـة هذا ا لنزاع : إنّما هو فی ضمیر «فی نفسـه» و «فی غیره» بإرجاعـه تارة : إلی ا لکلمـة ، واُخریٰ : إلی ا لمعنیٰ .
وقد اختار ا لمحقّق ا لخراسانیّ کلام ا لرضیّ ، وقال : بأنّ ا لمعنیٰ فی حدّ ذاتـه لا مستقلّ ، ولا لا مستقلّ ، وا لخصوصیّات ناشئـة عن طور ا لاستعما لات .
وقال ا لسیّد ا لشریف فی حاشیتـه علیٰ «ا لمطوّل» : إنّ ا لمعنیٰ إن کان ملحوظاً علی ا لنحو الآلیّ وا لمرآتیّ یکون حرفیّاً ، وإن کان ملحوظاً علیٰ نحو الاستقلال وا لنفسیّـة یکون اسمیّاً ، ومناط ا لمعنی ا لاسمیّ وا لحرفیّ هو ا للّحاظ ا لاستقلالیّ والآلیّ .
وقال بعض ا لمحشّین علیٰ «ا لقوانین» : إنّ ا لمعنی ا لحرفیّ هو ا لارتباط بین ا لمفاهیم ا لمستقلّـة ، وا لألفاظ وا لحروف موضوعـة بإزاء تلک الارتباطات ، وأمّا ا لمعنی ا لاسمیّ فهو نفس هذه ا لمفاهیم ا لمستقلّـة ا لتی لا ربط بینها فی حدّ ذاتها
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 25 مع قطع ا لنظر عن ا لمعانی ا لحرفیّـة .
وقال ا لمحقّق ا لعلاّمـة صاحب «ا لحاشیـة» : إنّ ا لمعنی ا لحرفیّ هو ا لإنشائی ا لإیقاعیّ ، وا لمعنی الاسمیّ ما لیس کذلک .
وأنت خبیر : بأنّ فی تمام هذه ا لأقوال ما لایخفیٰ :
أمّا ما أفاده ا لمحقّق ا لرضیّ وا لذی اختاره ا لمحقّق ا لخراسانیّ ، فهو أنّ من ا لمعلوم عدم إمکان استعمال «من» و «إلیٰ» علیٰ نحو ا لخبریّـة أو ا لابتدائیّـة ، وهذا ممّا لایمکن إنکاره ، فإن لم یکن فرق ذاتیّ بین ا لحروف وا لأسماء بحسب ا لمعنیٰ ، فَلِمَ لایمکن استعمال کلّ واحد فی محلّ الآخر ؟ !
وأمّا ما أفاده الآخرون فی تحقیق ا لتعریف ، ففیـه : أ نّـه علیٰ خلاف تعریف ا لمشهور : بأنّ «من» للابتداء ، و «إلیٰ» للانتهاء مع أ نّـه لو دلّت علیٰ معنیٰ فی غیر هذا ا لمعنیٰ ، فکیف یمکن دلالتها علی ا لابتداء وا لانتهاء ؟ !
وأمّا ما أفاده صاحب «ا لحاشیـة» فلیس علیٰ ما ینبغی ؛ فإنّ ا لمعانی ا لإنشائیـة ما توجد فی عا لم الاعتبار ؛ بحیث لاتکون حقیقتها إ لاّ حقیقـة اعتباریـة صرفـة ، مثل ا لملکیّـة ، وا لزوجیّـة وأمثا لهما ، وأمّا ا لمعانی ا لحرفیّـة فکلّها وجودات حقیقیّـة ، وهذا ممّا لایقبل ا لإنکار .
وأ مّا ما أفاده الآخرون من نقد کلامهم فتامها قد یخلو من ا لتأ مّل
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 26 وارتکاب ا لمشقّات ا لتی لاتزید ا لمتعلّمین إ لاّ مرارة وکلالةً .
نعم ، یمکن إرجاع بعض هذه ا لمقا لات إلیٰ ما نحن بصدد تحقیقـه ، کما سیجیء إن شاء اللّه تعا لیٰ .
فنقول ومن اللّه ا لتوفیق : إنّنا إذا سلخنا أذهاننا عن ا لألفاظ فی مثال «سرت من ا لبصرة إلی ا لکوفـة» أو «سر من ا لبصرة إلی ا لکوفـة» لانریٰ إ لاّ ا لسیر ا لخارجیّ ممتدّاً بهذا ا لامتداد ا لخاصّ ، وا لبصرة ، وا لکوفـة ، وأمّا أوّلیّـة ا لسیر وآخریتـه فلیس بحذائهما شیء فی ا لخارج قبال تلک ا لأشیاء ا لخارجیّـة ا لمذکورة .
نعم ، هذا ا لامتداد ا لمعیّن ا لذی یقال لـه : «ا لسیر» إذا وقع فی ا لخارج کان لـه حدّ ؛ هو ا لانقطاع وا لتناهی با لنسبـة إلی ا لطرفین ؛ أعنی طرفیـه ا لمحاذی أحدهما للبصرة ، وآخرهما للکوفـة ، فتعیّن امتداد ا لسیر فی ا لخارج إنّما هو بانقطاع أطرافـه وتناهیها ا لمحاذی أحدهما للمبدأ ، والآخر للمقصد .
وهذا ا لتناهی وا لانقطاع ا لخارجیّ ، إنّما هو منشأ لانتزاع مفهوم ا لأوّلیـة والآخریّـة ، وهذا من غیر أن یکون بإزاء نفس ا لأوّلیـة والآخریّـة شیء فی ا لخارج ، کما یکون بإزاء ا لسیر وا لبصرة وا لکوفـة شیء فی ا لخارج ، مع قطع ا لنظر عمّا یوجد فی وعاء ا لذهن .
وأمّا ا للّحاظ ا لذهنیّ فهو علیٰ نحوین :
تارة : یلاحظ عین ما یکون واقعاً فی ا لخارج ؛ بأن یلاحظ ذلک ا لامتداد ا لمتناهی ا لأطراف با لبصرة وا لکوفـة ، بدون تعقّل للوصف الانتزاعیّ من ا لأوّلیـة والآخریّـة ا للّتین لا حقیقـة لهما فی ا لخارج ، فتکون حینئذٍ ا لقضیّـة ا لمعقولـة فی ا لذهن قضیّـة تامّـة مرتبطـة بعض أجزائها ببعض ، حاکیـة عمّا یکون واقعاً فی ا لخارج ، فیکون نفس هذا ا لربط بین ا لسیر وا لبصرة وبین ا لسیر وا لکوفـة ـ أی
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 27 نفس تناهی ا لسیر وانقطاعـه ا لمعقول فی ا لذهن ـ هو معنیٰ «من» و «إلیٰ» هذا إذا لوحظ عین ماهو واقعٌ موجودٌ فی ا لخارج .
واُخریٰ : تلاحظ با لإضافـة لما فی ا لخارج ، مفاهیم اُخری انتزاعیّـة من ا لخصوصیّات وا لنفسیّات ا لخارجیّـة ، مثلما إذا لوحظ قبال تصوّر ا لسیر وا لبصرة وا لکوفـة ، مفهوم ا لأوّلیـة والآخریّـة ؛ بانتزاعهما من ا لسیر ا لمتناهی ا لأطراف ، فیکون فی وعاء ا لذهن ا لأولیّةُ والآخریّة وا لسیر وا لبصرة وا لکوفة ، فا لمعقول فی ا لذهن هذه ا لمفاهیم ا لمتشتّتـة ا لتی لا ربط بینها ، وهذه ا لمتشتّتات لیست إ لاّ ا لمتصوّرات ا لذهنیّـة ا لتی قد تصلح لأن تکون قضیّـة .
ا للهمّ إ لاّ أن ینقسم إلیٰ روابط تربط بین هذه ا لمتشتّتات ا لمتفرّقات ، فیقال : «إنّ أوّل سیری من ا لبصرة ، وآخره من ا لکوفـة» فحینئذٍ لوحظ أیضاً ا لسیر ا لخاصّ ا لخارجیّ ا لمقتطع ا لطرفان بما أ نّـه وقع فی ا لخارج .
وخلاصـة ا لکلام : أنّ تعقّل ما یکون واقعاً فی ا لخارج ، هو بعینـه تعقّل ا لأشیاء ا لمرتبطـة بعضها ببعض ، ویکون ا لربط بینها حقیقـة ا لربط وما یکون ربطاً با لحمل ا لشائع ا لصناعیّ ، لا ا لربط با لحمل ا لأوّلی ، وا لأوّلیـة والآخریّـة وا لربط والارتباط ، لیست إ لاّ مفاهیم ا لربط ، ومفاهیم ا لربط لیست بمقیّدة للارتباط بین ا لأشیاء وا لمفاهیم ا لکلّیـة حقیقـة ، ولذا کانت مفاهیم ا لأوّلیـة والآخریّـة وا لبصرة وا لکوفـة وا لسیر فی حدّ ذاتها ، لیست إ لاّ صرف ا لمتصوّرات ا لذهنیّـة ، وما لاینقسم إلیها ما یکون با لحمل ا لشائع ربطاً ، ومع ا لانضمام تکون ا لقضیّـة ا لعقلیّـة حاکیـة عمّا وقع فی ا لخارج ، ویصیر ا لسیر حینئذٍ مرتبطاً با لسیر ا لمتناهی با لبصرة وا لکوفـة .
فهذه ا لروابط کلّها مصادیق ا لربط ، ومصادیق ا لربط عبارة اُخریٰ عن ا لسیر ا لذی وقع فی ا لخارج ، وا لمعانی ا لحرفیّـة ما یوجد بها ا لارتباط بین ا لمفاهیم
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 28 ا لمتفرّقـة ، وهی هذه ا لروابط ا لحقیقیّـة ، وا لابتداء وا لانتهاء هما ا لروابط با لحمل ا لأوّلی .
وإن شئت قلت : ا لمعانی ا لحرفیّـة ما یوجد بها ا لارتباط بین ا لمفاهیم ا لمتفرّقـة ا لمتشتّتـة ، وا لمعانی ا لاسمیّـة نفس هذه ا لمتفرّقات . هذا هو ا لفرق بین ا لمعنی ا لاسمیّ وا لمعنی ا لحرفیّ .
وأمّا مناط ا لفرق وسرّ هذا ا لافتراق ، فهو ما أشرنا إلیـه ؛ من أنّ ا لملحوظ ا لمتعقّل فی ا لذهن ، لابدّ وأن یکون عین ما وقع أو عین ما سیقع فی ا لخارج من ا لمفاهیم ا لمرتبطـة ؛ فإنّ ا لسیر ا لذی یقع فی ا لخارج ، لابدّ وأن یکون مقطوع ا لطرفین ، وانقطاع ا لطرفین فی ا لخارج عین ا لارتباط فی ا لذهن ، وهذا هو معنی ا لربط ا لحقیقیّ ا لذی یکون ا لحرف موضوعاً بإزائـه .
وأمّا إذا کان ا لملحوظ هو ا لمفاهیم ، لابما أ نّها عین ما وقع فی ا لخارج ، بل بما أ نّها مفاهیم تصوّریـة ، أو بما أنّ ا لارتباطات ا لملحوظـة فی ا لذهن ، ارتباطات مفهومیّـة انتزاعیّـة ، مثل مفهوم ا لابتداء وا لانتهاء ، فلایکون حینئذٍ إ لاّ صِرف ا لتصوّرات ا لذهنیّـة ا لمتشتّتـة ، لا ربط بعضها ببعض ، فهذه هی ا لمعانی ا لاسمیّـة غیر ا لمشوبـة با لمعانی ا لحرفیّـة .
ومن هنا انقدح ما فیکلام بعض ا لمحقّقین : من أ نّـه لافرق بین ا لأسماء ... .
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 29
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 30