تمهید

‏‏تمهید‏

‏‏ ‏

‏‏اعلم:‏‏ أنّ الـمراجعـة إلـی کتب الـعامّـة والـخاصّـة قدیماً وجدیداً،‏‎ ‎‏والـنظرَ فی أخبار الـمسألـة الـواردة من طرقنا ومن طریق الآخرین، والـتدبّر‏‎ ‎‏حولها حقّ الـتدبّر والـتفکّر، یعطی سقوط هذا الـبحث؛ وأنّـه لاوجـه لإطالـة‏‎ ‎‏الـکلام حول مفهوم «الـسؤر» سعةً وضیقاً کما تریٰ، ولا فی خصوصیّات‏‎ ‎‏الـمسألة من أسآر الـحیوانات الـمختلفـة؛ ضرورة أنّ الـشواهد الـقطعیّـة فی‏‎ ‎‏الـمآثیر الـمرویّـة عن الأئمّـة الأطهار ـ علیهم صلوات اللّٰـه الـمتعال ـ قائمـة‏‎ ‎‏وناهضـة علیٰ أنّ هذه الـمسألـة من صغریات بحث انفعال الـماء الـقلیل؛ وأنّ‏‎ ‎‏هذه الـروایات سیقت مساق تلک الـمسألـة:‏

‏‏فما کان من الـحیوانات الـنجسـة، یکون سؤره نجساً. ولا یلتزم الـقائل‏‎ ‎‏بعدم انفعال الـکرّ بانفعال سؤر هذا الـحیوان؛ إمّا لأجل قصور الـدلیل، أو‏‎ ‎‏لأجل عدم صدق «الـسؤر» علی الـکثیر.‏

‏‏وما کان من الـحیوانات الـطاهرة، یکون سؤره طاهراً.‏

‏‏وممّا یأتی من الـشواهد فی الأخبار یعلم: أنّـه لا یمکن الـتفکیک بین‏‎ ‎‏حکم انفعال الـقلیل وحکم هذه الـمسألـة؛ من جهـة لـزوم الاجتناب علیٰ‏‎ ‎
‏‎

‎‏تقدیر الـقلّـة، وعدم لـزومـه علیٰ تقدیر الـکثرة. فإطالـة الـبحث حول مفهوم‏‎ ‎‏«الـسؤر» ینحصر ثمرتـه بفهم مواقف کراهیـة الاستعمال، وهو عندی غیر مهمّ‏‎ ‎‏جدّاً.‏

‏‏وأمّا ذهاب مثل «الـمبسوط» و«الـسرائر» و«الـمهذّب»‏‎[1]‎‏ إلـیٰ إنکار‏‎ ‎‏الـملازمـة بین طهارة الـحیوان، وجوازِ استعمال سؤره، حیث منعوا استعمال‏‎ ‎‏سؤر ما لا یؤکل لـحمـه من الـحیوان الـحضر غیر الآدمیّ والـطیور، إلاّ ما لا‏‎ ‎‏یمکن الـتحرّز عنـه، کالـهرّة والـفأرة والـحیّـة، بل عن الـحلّی ‏‏رحمه الله‏‏ الـتصریح‏‎ ‎‏بنجاستـه‏‎[2]‎‏، معلّلین: بمفهوم روایـة عمّار بن موسیٰ‏‎[3]‎‏، وصحیحـة ابن سِنان‏‎[4]‎‏،‏‎ ‎‏فهو ممّا لا یمکن الإصغاء إلـیـه بالـضرورة، بعدما ورد الـنصّ بنفی الـبأس،‏‎ ‎‏کما هو الـواضح عند الـکلّ.‏

‏‏وبالجملة:‏‏ إمکان الالتزام بالـتفکیک غیر کافٍ، بعد أن تکون الأخبار‏‎ ‎‏ناظرة إلـیٰ تلک الـمسألـة.‏

‏‏وممّا یمکن أن یتوهّم: الالتزام بنجاسـة الـکرّ؛ لـصدق «الـسؤر» علیـه،‏‎ ‎‏وإمکان الالتزام بنجاسـة الـجمادات الـباقیـة؛ لـشمول الـمفهوم لـها کما لا‏‎ ‎‏یخفیٰ، فتأمّل. مع اقتضاء مفهوم «الـسؤر» ذلک.‏

‏
‏‎

‎‏ولکنّـه غیر صحیح، فلا وجـه لإحداث الـبحث حول هذه الـمسألـة.‏‎ ‎‏وکان ینبغی ذکرها طیّ مباحث انفعال الـقلیل؛ بأنّـه لا یفرّق بین أنحاء‏‎ ‎‏الـملاقاة، وعدم انفعال الـکرّ کذلک.‏

‏‏ ‏

‏‎ ‎

‏‎

‎