الأمرالأوّل : بیان الفرق بین هذه المسألة ومسألة النهی فی العبادات
قال فی «الکفایة» ما حاصله : إنّ الفرق بینهما هو أنّ الجهة المبحوث عنها فیهما مختلفة، کما هو المناط فی تغایر المسألتین، فإنّ البحث فیما نحن فیه إنّما هو: فی أنّ تعدُّد الجهة والعنوان فی واحد هل یوجب تعدّد متعلّقی الأمر والنهی؛ بحیث ترتفع غائلة استحالة الاجتماع فی الواحد بوجه واحد، أو لا یوجبه؟ فالنزاع فی سرایة کلّ واحد من الأمر والنهی إلیٰ متعلَّق الآخر وعدمها، فالأوّل لأجل اتّحاد مُتعلّقیهما وجوداً، وعدم سرایته لتعدّدهما وجهاً، بخلاف الجهة المبحوث عنها فی تلک المسألة، فإنّ البحث فیها هو: أنّ النهی فی العبادات هل یوجب فسادها بعد الفراغ عن توجّهه إلیها أو لا؟
وأمّا ما ذکره صاحب «الفصول» ـ من أنّ الفرق بینهما وامتیازهما إنّما هو لتغایر موضوعیهماـ فاسد؛ لما ذکرنا من أنّه إذا کانت الجهة المبحوث عنها واحدة فی المسألتین فهما واحدة وإن اختلف موضوعاهما أو محمولاهما، وإن کانت متعدّدة فهی مُتعدّدة متغایرة وإن اتّحد موضوعاهما أو محمولاهما. انتهیٰ.
أقول : فی مراده من الجهة المبحوث عنها التی ذکرها احتمالات بحسب مقام التصوّر :
الأوّل : أن یُرید منها الحیثیّة التی وقع البحث فیها، کالبحث فی حیثیّة جواز الاجتماع وعدمه، بخلافه فی المسألة الاُخریٰ، فإنّ البحث فیها فی حیثیّة الفساد وعدمه.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 204 الثانی : أن یرید منها ما هو سبب البحث وعلّته التی وقع البحث فیها لأجله.
الثالث : أن یرید منها منشأ القول بالجواز وعدمه، وأنّ منشأ القول بعدم الجواز هو سرایة النهی إلیٰ متعلّق الآخر، ومنشأ القول بالجواز عدم سرایته.
فنقول : مراده قدس سره هو الاحتمال الأخیر لتصریحه قدس سره بذلک.
لکن یرد علیه : أنّه إذا کان بین مسألتین تغایر بتمام ذاتیهما، کما إذا تغایرا موضوعاً ومحمولاً، أو ببعض ذاتیهما، کما لو اتّحد موضوعهما وتغایر محمولهما أو بالعکس، فلا وجه لأن یبیّن الفرق بینهما بالآثار والعوارض المترتّبة علیهما، کما لو قیل: أنّ الفرق بین الإنسان والحجر هو أنّ الأوّل مستقیم القامة، بخلاف الحجر، مع أنّهما متباینان فی مرتبة ذاتیهما، وما نحن فیه من هذا القبیل، فإنّ المسألتین المذکورتین مُتباینتان فی مرتبة ذاتهما موضوعاً ومحمولاً، ولا ارتباط لإحداهما بالاُخریٰ، ولا جهة اشتراک بینهما کی یحتاج إلیٰ بیان ما به الامتیاز، فالحقّ أنّ اختلاف المسألتین إنّما هو فی الجهة المبحوث عنها بالمعنیٰ الأوّل، کما ذکره فی «الفصول».
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 205