المسألة الثانیة فی العامین من وجه
لو صدر من المتکلّم عامّان من وجه، مثل : «أکرم العلماء» ، و«لا تُکرم الفُسّاق»، وشکّ فی عالم أنّه فاسق أو لا، أو فی فاسق أنّه عالم أو لا، فإمّا أن یکون أحدهما حاکماً علی الآخر وناظراً إلیه وشارحاً له، فهو مقدّم علیٰ العامّ الآخر، وحُکمُ العامّ الحاکم هنا حُکمُ المخصِّص فی الشبهة المصداقیّة له.
وان لم یکن أحدهما حاکماً علی الآخر :
فذهب بعضهم : إلی أنّه یُعامل معهما فی مادّة الاجتماع معاملة المتعارضین، ولیس من باب اجتماع الأمر والنهی، وحینئذٍ فمع ثبوت المزیّة والمرجِّح لأحدهما، فحکمُ ذی المرجِّح حکمُ المخصِّص فی العامّ والخاصّ المطلق فی عدم جواز التمسُّک بعموم الآخر فی الشبهة المصداقیّة له، فمع تقدیم «لا تکرم الفسّاق» لمرجّحٍ لو شُکّ فی عالم أنّه فاسق أو لا، لا یصحّ التمسُّک بعموم «أکرم العلماء» فی الحکم بوجوب إکرامه.
وذهب بعضهم إلیٰ أنّهما من باب المتزاحمین لا المتعارضین، فلابدّ من ملاحظة أنّ الملاک فی أیّهما أقویٰ، فلو فرض أنّ ملاک أحدهما أقوی من الآخر، فذهب بعضهم إلیٰ أنّ الحکم فی ذی الملاک الضعیف بالنسبة إلیٰ مادّة الاجتماع شأنیّ لا فعلیّ، بل الحکم الفعلیّ إنّما هو لذی الملاک القویّ، وحینئذٍ فلا مزاحم فی الفرد العالم الفاسق ـ أی مادّة الاجتماع ـ لحرمة إکرامه؛ لو فرض أنّ ملاک الحرمة أقویٰ من ملاک
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 354 الوجوب، وحینئذٍ ففی الفرد المشکوک عدالته یشکّ فی وجود المزاحم لحرمة إکرامه، فلو أکرمه معتذراً باحتماله عدالته لم یُقبل عذره.
وذهب بعضهم إلی أنّ الحکمین فی المتزاحمین فعلیّان معاً ـ کما هو المختار ـ وإن کان ملاک أحدهما أقویٰ من الآخر، وحینئذٍ فالکلام فی المشکوک مصداقیّته لذی الملاک الأقویٰ، هو الکلام فی الشبهة المصداقیّة للمخصِّص .
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 355